اليمنيون لا يتهافتون على الوقود والغذاء: لن تحقق “إسرائيل” هدفها في ترويعنا

تكرار قصف طيران العدوان الإسرائيلي للموانئ اليمنية الخاضعة لسيطرة الحكومة في العاصمة صنعاء جعل الجميع يدرك بأن الهدف الحقيقي هو خلق أزمة اقتصادية، لكن المجتمع اليمني يتعامل مع الأزمة بوعي وبثبات.

2025-01-15

يدرك المجتمع اليمني أن العدوان الإسرائيلي لن ينجح في إضعاف القدرات اليمنية العسكرية مهما كثّف من هجماته، لذلك تسعى “إسرائيل” لإحداث نوع من الضغط الداخلي على الحكومة في صنعاء عبر خلق أزمة إنسانية.

 

وبرغم تكرار غارات العدوان الإسرائيلي على المنشآت المدنية التي تقدم خدماتها للشعب ويرتبط نشاطها بشكل مباشر بحياة الناس، مثل الموانئ، إلا أن ذلك لم يدفع المواطن قايد الرباصي الذي يعول خمسة أطفال بالإضافة إلى زوجته ووالدته المسنة، لشراء وتخزين مواد غذائية تحسباً لحدوث أزمة.

 

يعتقد الرباصي بأن المجتمع أصبح أكثر وعياً في التعامل مع المرحلة التي يمر بها اليمن، موضحاً في تصريح لـلميادين نت، أن العشر السنوات الماضية وما شهدها اليمن من عدوان وحصار، ساهمت في تعزيز وعي الناس واكتساب خبرة في التعامل مع الأزمات.

 

وأكد أن غارات العدوان الإسرائيلي لن تغير في الأمر شيء، “يريد الكيان الإسرائيلي أن يرى اليمنيون يتدافعون أمام مخازن المواد الغذائية ومحطات الوقود، وهذا لن يحدث”.

 

فمنذ أن بدأ الكيان بتنفيذ غاراته على اليمن في 20 تموز/يوليو من العام الماضي 2024، استهدفت غاراته ميناء الحديدة شرق اليمن، وهو أكبر ميناء يخضع لسيطرة الحكومة في صنعاء، وتستورد من خلاله حاجتها من الإمدادات الغذائية لتغطية احتياجات ثلثي سكان اليمن بشكل عام.

 

وركزت الغارات الإسرائيلية المتكررة أيضاً على استهدفت محطات توليد الكهرباء في العاصمة صنعاء، ومينائي الحديدة والصليف ومنشأة رأس عيسى النفطية، لحرمان عشرات الملايين من الكهرباء والوقود.

 

وعي مجتمعي وإيمان بالقضية

 

تمرّ الأربعينية سلوى العديني من سوق شعوب وسط العاصمة صنعاء أثناء ذهابها وعودتها من المدرسة بشكل يومي، ولم تلاحظ أي تغير في حركة السوق الذي يُعد أحد أكبر تجمع لتجار المواد الغذائية في اليمن.

 

عندما قصف الكيان الإسرائيلي ميناء الحديدة للمرة الأولى، فكرت العديني التي تعمل مدرسة، بتغيير طريقها إلى المدرسة تجنباً للازدحام الذي توقعت أن يشهده سوق شعوب.

 

تقول: “لقد استغربت عندما وجدت كل شيء طبيعي، وقلت في نفسي ربما يحدث الازدحام غداً أو بعد غد، لكنه لم يحدث إلى الآن”.

 

وتفسر استمرار الحركة في الأسواق بشكل طبيعي بأنه “ناتج عن نوع العدو الذي يواجهه اليمن، فالناس هنا يؤمنون بأنهم في حالة مواجهة مباشرة مع العدو الإسرائيلي، الذي يريد أن يجبر اليمن على التوقف عن المشاركة في الحرب نصرة للشعب الفلسطيني في غزة”.

 

وتضيف: “لم ألاحظ على مستوى محيطي، سواء في المدرسة أو في الحي، أي تصرف بشكل غير طبيعي فيما يتعلق بتوفير المواد الغذائية، بل لم أسمع أحد يتحدث في هذا الموضوع”.

 

ليس سهلاً استغفال المجتمع اليمني ودفعه إلى المربع الذي يريده الاحتلال الإسرائيلي ليسهل عليه تحقيق أهدافه في اليمن. وفي هذا السياق يقول الباحث الاجتماعي عادل العماري إن المواطن اليمني يدرك تماماً بأن العدوان الإسرائيلي على اليمن نابع من عداء تاريخي للشعب اليمني الذي يعتبر القضية الفلسطينية قضيته الأولى، ويقف في كل المناسبات لمساندة أشقاءه في فلسطين.

 

وأضاف : “تهدف إسرائيل من خلال غاراتها على منشآت مدنية حيوية خلق فوضى شعبية وأزمة غذائية، وتريد أن ترى الشعب يقف بالطوابير للحصول على الخبز والمواد الغذائية”.

 

ووفقاً لـلعماري فإن إدراك الشعب لأهداف “إسرائيل” جعله يتعامل مع الوضع بوعي كبير ويمارس حياته بشكل طبيعي، ولم يندفع لشراء وتخزين المواد الغذائية والوقود، برغم تكرار العدوان الإسرائيلي على الموانئ اليمنية الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية في العاصمة صنعاء.

 

حركة السوق طبيعية

 

لم يكن يتوقع تجار الجملة من المواد الغذائية في العاصمة صنعاء أن تظل حركة البيع والشراء طبيعية بعد تعرض ميناء الحديدة للعدوان الإسرائيلي أكثر من مرة، فغالباً ما يسارع الأهالي، عند تعرض اليمن لأي طارئ، إلى شراء كميات من المواد الغذائية تحسباً لأزمة مقبلة.

 

ووفق الخمسيني صلاح الزريقي، تاجر جملة، على مدى ثلاثون عاماً من نشاطه التجاري، هذه هي المرة الأولى التي تظل حركة السوق طبيعية في ظل تعرض البلد لأحداث كبيرة، موضحاً أن حركة الإقبال على الشراء كانت تتغير سابقاً لمجرد خروج تظاهرات أو توترات سياسية.

 

ويفسر الزريقي هذا الوضع بأنه “ناتج، أولاً، عن ثقة الناس بالسلطة والحكومة في صنعاء، وجدّيتها وحزمها في ضبط السوق خاصة في ظل تعرض البلد لعدوان أجنبي. ثانياً لارتفاع مستوى وعي المجتمع ومعرفته بأن خلق أزمة في المواد الغذائية هو واحد من أهداف العدوان الإسرائيلي على اليمن”.

 

وأكد أن أسعار المواد الغذائية لم تشهد أي تغير، وحركة السوق طبيعية، وهذا نتيجة لوعي المجتمع وتعامل التجار مع الوضع العام بمسؤولية، حد تعبيره.

 

استهداف الموانئ جريمة إنسانية

 

تكرار قصف طيران العدوان الإسرائيلي للموانئ اليمنية الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية بالعاصمة صنعاء جعل الجميع يدرك بأن الهدف الحقيقي هو خلق أزمة اقتصادية، بما فيهم المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني في اليمن.

 

لقد استهدف العدوان الإسرائيلي ميناء الحديدة وميناء الصليف ومنشأة رأس عيسى، وجميعها تقع على البحر الأحمر غرب اليمن، وذلك لتدمير جميع المنافذ البحرية اليمنية وضمان وقف استيراد البضائع من الخارج وعلى رأسها المواد الغذائية والوقود.

 

وهذا ما دفع المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، جوليان هارنيس، للتحذير من نتائج هذه الضربات على ميناء الحديدة ووصفها بأنها “مثيرة للقلق بشكل خاص”.

 

وأوضح في بيان أصدره أواخر شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي بأن اليمن يستورد ما يقرب من 80% من إمداداته الغذائية، مشيراً إلى أنه في حال تم إيقاف نشاط ميناء الحديدة فإن سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في صنعاء، والذين يشكلون ما بين 65 و70 % من السكان، سيكونون في حاجة إنسانية متزايدة.

 

 

 

المصدر: الميادين

الاخبار ذات الصلة